إنعاش الخميرة الطبيعية بعد تركها مدة في الثلاجة
إحدى هوايتي المفضلة هي إنعاش الخميرة الطبيعية المنسية في الثلاجة لأي سبب قد يطرأ على صاحبها ولا أقول إهمالاً، فالخميرة كائن حي يجدر بنا أن نرعاها ونهتم بها فهي تمنحنا أهم عنصر غذائي في نظامنا الغذائي الصحي، خبز جميل و لذيذ
إلا أن الأحبة ممن يحرصون على اقتناء الخميرة الطبيعية، سرعان ما يصابون بالإحباط حينما يرون علامات الكسل والخمول على الخميرة وخاصة مع ظهور طبقة السائل الأسود على سطحها.
لذا فإن من أولى التوصيات والتوجيهات التي أؤكد عليها في الدورات بأن الخميرة لا تموت وبإمكان إنعاشها طالما لم يطالها العفن.
لذا أحرص على تكرار محاولات الإنعاش بمختلف الظروف التي يمكن أن تمر بها الخميرة وخاصة طول الفترة الزمنية.
وأبقي لديَّ في الثلاجة عينة من الخميرة المهملة وأقوم بإنعاشها مع زيادة الفترة في كل مرة، وحاليا أنتظر مضي سنة كاملة كي أنعشها حيث أن آخر إنعاش كانت بعد بقاء الخميرة مهملة مدة سبعة أشهر.
ولكني تفاجأت بإحدى المتدربات تخبرني بأن خميرتها التي حصلت عليها من آخر دورة قبل جائحة كورونا قد تُركت في الثلاجة حتى هذا التاريخ ( أغسطس ٢٠٢٢) أي أكثر من ثلاث سنوات، وأول ما تبادر إلى ذهني عملية الإنعاش القياسية، فطلبت منها إحضار الخميرة كي أتولى رعايتها وإنعاشها.
وفاجأتني الخميرة بنشاطها أيما مفاجأة ولم أصدّق عودتها للنشاط بهذه السرعة بعد كل هذه المدة، فعاودت السؤال للتأكد من المدة فأكدت عليَّ الأخت بأنها كانت مركونة من آخر دورة وقد كانت في يناير ٢٠١٩.
المهم .. نأتي إلى القاعدة التي أعتمدها في إنعاش الخمائر المتعبة كي لا أطيل الحديث الذي لا أمل منه:
- نأخذ من قاع الوعاء ( وهذا مهم جدًا) كمية صغيرة من الخميرة ، مثلا ٥ جم فقط.
- نضيف عليها أربعة أضعاف وزنها ماء أي ١٦ جم و ١٦-٢٠جم طحين ويفضل أن يخلط معه طحين الجودار أو طحين القمح الكامل حيث أن الطحين الكامل يعطي دفعة قوية للخميرة كغذاء مقوي ( وفي تجربتي هذه لم يكن لديَّ أي منهما فاستخدمت طحين المخبوزات الأبيض تبع مطاحن الدقيق الكويتية) وزيادة كمية الطحين عن الماء تجنبا للسيولة حيث مع ارتفاع الحرارة تتجه الخميرة نحو السيولة بسرعة أكبر.
- اترك الخميرة في مكان معتم ودافئ نوعا ما وأنتظر ظهور علامات للنشاط مثل الفقاعات الصغيرة على السطح، مهما طالت المدة ، وفي حالتي هذه ظهرت فقاعات صغيرة بعد مضي ١٢ ساعة ولكني تركتها بعد أن حرّكتها بالملعقة
- بعد مضي ما يقارب ٢٠ ساعة قمت بالتغذية الثانية بنفس الطريقة والنسبة، وأيضا اخذت ١٢ ساعة حتى ظهرت عليها علامات النشاط مع ملاحظة القوام والرائحة الحليبية الخاصة بالخميرة حيث لم ألحظها فقمت بتحريكها.
- بعد مضي ٢٠ ساعة من التغذية الثانية، وجدت الخميرة متضاعفة تماما ورائحتها جميلة، فقمت بالتغذية الثالثة بنفس النسبة
- بعد مضي ٨ ساعات أصبحت الخميرة متضاعفة و تتمتع بكل معايير النجاح، فقمت بتحريكها وتركها للتأكد من قدرتها على التنشيط مجددا كما هي عادة الخميرة الطبيعية القوية، وفعلا بعد ساعة ونصف الخميرة تضاعفت بكل قوة.
- قمت بالتغذية الرابعة بالنسب المعتادة أي ١:٢:٢ للتأكد من نشاطها الثابت، ٢٠ جم خميرة : ٤٠جم ماء: ٤٥ جم طحين، وتضاعفت بعد ست ساعات ، فغذيتها للمرة الأخيرة لأجرّب قوتها في الخبز الريفي، فكانت النتيجة مذهلة للغاية.
الخلاصة .. يمكننا إنعاش الخميرة بأخذ جزء صغير من قاع الإناء وتغذيتها بخليط من الطحين القوي والأبيض وتركها حتى تظهر عليها علامات النشاط، ثم معاودة التغذية حتى الحصول على نشاط ثابت كل ٦-٨ ساعات، وفي الأثناء يمكن تحريك الخميرة لتحفيزها على النشاط.
وهكذا هي علاقتنا بكل الكائنات الحية حولنا من البشر والزرع والحيوانات والجمادات ( رغم انها ليست بجماد) فكل العلاقات بحاجة إلى ترميم وإحياء ورعاية ومحبة مهما طال الزمن والظروف التي قد تحول بيننا وبين من تربطنا بهم علاقة ما، الإنسان كائن ذو قدرات هائلة سخرها الله سبحانه له كي يستثمرها لصالحه أولا ولصالح كل ما حوله وهي ضمن قاعدة الإعمار الكونية.
تحياتي
استجابات